الحِلْم
كان صفوان بن أمية من الذين لم يستسلموا يوم فتح مكة ،
ثم فر إلى جدة ليبحر إلى اليمن ، فأتى عمير بن وهب لرسول
الله صلى الله عليه وسلم - فقال له : يا نبي الله : إن صفوان
سيد قومه ، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر ،
فأمِنْه قال : هو آمن : قال : يا رسول الله فأعطني آية يعرف
بها أمانك فأعطاه الرسول عليه الصلاة والسلام عمامته التي
دخل بها مكة فخرج بها عمير حتى أدركه ،وهو يريد أن يركب
البحر، فقال : يا صفوان ، فداك أبي وأمي الله الله فـــــــي
نفسك أن تهلكها فهذا رسول الله قد جئتك به ، فقال : إني
أخافه على نفسي قال : هو أحلم من ذاك وأكرم ، فرجع معه
حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
صفوان : إن هذا يزعم أنك أمنتني ، قال رسول الله عليه
الصلاة والسلام : صدق ، قال فاجعلني فيه بالخيار شهرين،
قال : أنت بالخيار أربعة أشهر .
هذا العدو ابن العدو صفوان بن أمية لا يلقى من بر رسول
لله أن يعفو عنه فحسب ، بل يبعث عمامته التي فتح بها مكة
تطمينا للهائم على وجهه إلى البحر ، ثم إذا ما طلب منه أن
يتركه ليختار الإسلام أو الشرك شهرين ، قال : بل أربعة كي
لا يقهره أو يذله .
فهل في تاريخ البشرية مثال من العفو عند المقدرة أبر و أكرم
من هذا الذي نبي الإسلام -محمد صلى الله عليه وسلم -
من كتاب(( بطل الأبطال)) للدكتور عبد الرحمن عزام