{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه ،
وسراجا منيرا }
............ كان مولده عليه الصلاة والسلام فيصلا بين عهدين في تاريخ
الإنسانية:بين عهد انحرفت فيه الأمم انحرافا بعيد المدى عن تعاليم الرسالات
السابقة : فانتشر الفساد و البغي في الأرض .وساد الإنحلال الخلقي
والإجتماعي في كل مكان ،وغلب الشقاء على السواد الأعظم من البشر،
وبين عهد استكملت فيه الإنسانيه نضجها ، واستعدت لاستقبال خاتم
الرسالات الإلهية.
فقد اشتركت جميع الرسالات الإلهيةفي عقيدتين :الإيمان بوحدانية الله وأنه
لا معبود سواه ، والإيمان بالبعث والحساب ، وأن كل نفس بما كسبت رهينة
وبين هذين القطبين تفاوتت تعاليم الأديان بين الأخد بالشدة الرادعة والأخد
بالإقناع والتبصير والوعد بالغفران ، وتفاوتت بين الأخد بنصيب من الدنيا
والدعوة إلى التجرد منها ،كما تفاوتت في صور العبادات ، كل هذا رحمة من
ربك في إيتاء كل أمة ماعلم فيها الخبر وملائمة للزمان .
{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ، والذي أوحينا إليك ، وما وصينا به
إبراهيم وموسى وعيسى ، وأن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } *الشورى*
{ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى"ونور } * المائدة *
{ وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه
الإنجيل فبه هدى"ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة } * المائدة *
وهكذا تعاقبت الكتب السماوية لهداية البشر ، إلى أن جاء القرآن ونزل به
الوحي على خاتم الأنبياء .جاء يستكمل هداية الإنسانية بعد أن سارت في
مراحل التدريج التي شاءت حكمة رب العالمين أن تسير فيها مرحلة بعد
مرحلة
ولما أراد الله أن يكون الإسلام هو خاتم رسالاته إلى خاتم النبيين ،وإن كان
هو الأصل الأساسي في جميع الرسالات السابقة
{ إن الدين عند الله الإسلام }
ولما كان سبحانه وتعالى هو العليم بما يفضى إليه تطور الإنسانية ،فقد
شاءت حكمتة أن تكون تعاليم الإسلام في تنظيم المجتمع الإنساني مرحلة
في صيغة كلية عامة ، لتكون دوما قاتلة للتفريغ منها والبناء عليها على ضوء
ما يستجد من حاجات البشر ، وحتى لا تقيد الأجيال التالية بالتفضيلات
الجزئية بل تقتبس الوضع الذي تتوافر فيه الملائمة العملية لحاجات كل زمان
ومكان ما دام هذا الوضع يستقيم مع التعاليم الكلية ، ويستقيم مع التعاليم
الكلية، وينبثق من توجيهاتها ، وهي المرونة اللازمة في تعاليم التي يراد
لها الخلود لتكون ملائمة لتطور احتياجات البشر ..........(1)
1- غير أن الذي لا يتطور ولا يتبدل : العقائد والعبادات ، وبعض المعاملات
*الدكتور محمد عبد الله العربي *